ما وراء القصص (الاستفادة المُثلى من قصة الطفل)

عرض شهر نوفمبر تخفيض إضافي 5% على الاشتراك السنوي

ما وراء القصص.. هي مجموعة أفكار أتمنى أن تفيد الأم التي تقرأ لطفلها، في اعتصار الإفادة من القصة- أي قصة- لآخر قطرة.

أعلم أن القصة الجيدة تجعلنا نكتشف تفاصيل جديدة في كل قراءة، لكن ماذا عن القصة التقليدية أو التي نرى أنها لم تضف لنا أي جديد؟ هل ضاعت نقودها هباءً؟ ربما إذا غيرت الأم رؤيتها لها تجد قطرة مفيدة هنا أو هناك.

في السطور التالية أتحدث عن عدد من الأسئلة الشائعة التي تسألها الأمهات عن أي قصة، وهي:

أي قصة تناسب سن طفلي؟

في اعتقادي، معظم القصص من الممكن أن تناسب فئات عمرية مختلفة إذا تم قصُّها بطرق مختلفة.

مثال 1: قصة تحكي عن حيوانات ما
  • طفل بعمر عام ونصف: ربما نكتفي بذكر اسم كل حيوان، والصوت الذي يصدره.
  • طفل بعمر عامين: نحكي له القصة في أبسط شكل لها؛ كلمات قليلة، وبلغة يفهمها.
  • طفل بعمر 4 أعوام: نستطيع أن نقصها له كاملة بالفصحى.
  • طفل أكبر من 4 أعوام: نناقش تفاصيل أكثر عن طريقة معيشة ما تم ذكره من حيوانات في القصة، وعن تفاصيل لم تُكتب فيها.
مثال 2: كتاب عن جسم الإنسان
  • طفل بعمر عام ونصف: نكتفي بذكر اسم أعضاء الجسم الظاهرة؛ يد، قدم، أنف.. وهكذا.
  • طفل بعمر 7 أعوام: نذكر له أعضاء الجسم الداخلية، ووظيفة بسيطة لكل منها (الرئة تساعدنا على التنفس، والمعدة تهضم الطعام… إلخ).
  • طفل بعمر 9 أعوام: نستطيع أن نشرح له تفاصيل أكثر عن وظيفة كل عضو، وعن جهاز المناعة، وكرات الدم البيضاء والحمراء، وهكذا.

    وبالطبع، يختلف السرد حسب فهم وطبيعة كل طفل وتقبله، فلا يشترط عمر محدّد لمعلومة معينة.

ما المغزى من القصة؟

سؤال آخر لا بد أن تسأله الأم لنفسها قبل عرض القصة على طفلها؛ ففي كثير من الأحيان يكون المغزى مستترًا بين السطور، ينتظر الطفل أن يلحظه بمفرده، لكن ربما يحتاج الطفل من أمه أن تثير رغبته في اكتشاف المغزى بالإشارة، أو التمثيل، أو بإعطاء الطفل لمفاتيح البحث والمعرفة والاستكشاف.

فمثلًا، لو أن قصة تتكلم عن خرافة “الصُّدفة”، كيف يفهمها الطفل وهو لا يعرف معنى كلمة “صُدفة” أو “قدر” التي ليست ضمن مصطلحاته أصلا. لذلك، لا بد من مقدمة بسيطة تشرح له الأم من خلالها مفهوم القدر، وأن كل شيء يحدث لسبب وتترتب عليه نتيجة.

والأهم أن تقرأ الأم القصة بنفسها قبل تقديمها لطفلها، بحيث تفهم المغزى، وتحرص على توصيله له بطريقة مباشرة، عن طريق الشرح، أو غير مباشرة، بالسرد فقط، حسب فهم طفلها وطبيعته.

هل لا بد من مغزى للقصة؟

هناك أسباب تكفي أن تكون مغزى في حد ذاتها، خاصة إن كانت القصة تجعل وقت قراءتها ممتعًا للأم والطفل معًا، وهي:

  • قضاء الأم وقت ممتعا مع طفلها.
  • إثراء مصطلحات الطفل وربطه بلغته الأم.
  • ربط الطفل بالكتاب، وخلق عادة القراءة المستمرة.

لكن هذا لا يمنع أن الأم تستطيع أن تعطي مغزى تعليميًّا أو توعويًّا لقصة، حتى إن كانت بلا هدف سوى الخيال، مع أن الخيال يكفي أن يكون هدفًا ومغزى في حد ذاته؛ لعظم أثره على الطفل، وعلى الإنسان بشكل عام.

وربما تخرج الأم من قصة بمعلومة أخرى أو بنشاط ما، ومثال ذلك قصة تتحدث عن قارب أو طائرة. هذا مدخل لتعليم وسائل النقل المختلفة حتى غير المذكورة في القصة (معلومة جديدة)، وربما تصنع الأم قاربًا ورقيّا أو طائرة ورقية مع ابنها (نشاط)، أو ربما نتحدث عن الشكل المثلثي لشراع القارب أو جناح الطائرة، أو نرسمه (معلومة عن الأشكال ونشاط).

ماذا عن قصة بها سلوكيات خاطئة؟

الأفضل عرضها بعد سن التمييز، أي بعد (7-9) سنوات؛ حتى لا يعلق السلوك السيء في ذهن الطفل، إلا لو كان السلوك متأصِّلًا في الطفل، فهنا نستطيع عرضها، بشرط أن تقدم القصة حلا إيجابيا للتخلص من السلوك الخاطئ أو التغلب عليه.

مثال1: طفل لا يمص إبهامه، ليس منطقيًا أن نعرِّضه لقصة بطلها يمص إبهامه، ونقول له إن هذا سلوك خاطئ! هو لم يكن يعرفه من الأساس، ونحن من عرَّفناه له، ومن الممكن أن يبدأ بتقليده.

مثال2: طفل يلقي القمامة على الأرض، أو يهدر المياه أثناء استحمامه، هنا نستطيع تعريضه لقصة تتحدث عن التلوث والبيئة بشكل عام، أو النظافة والتوفير بشكل خاص.

ماذا عن القصص التي لا تشدّ انتباه الطفل؟

من الممكن عرضها بطرق مختلفة، وإن استمر تجاهل الطفل لها، نستطيع رفعها من القصص التي في متناول يده، وإعادة عرضها عليه بعد فترة. والأغلب أن اهتمامات الطفل تختلف باختلاف الوقت، والقصة التي لا تشدّ انتباهه في مرحلة عمرية، ربما تكون المفضلة لديه في مرحلة أخرى.

ماذا عن قصة بلا قطرة إفادة؟

لم تواجهني هذه القصة يومًا، لكن حتى هذه القصة من الممكن استعمالها عند تعلُّم الطفل القراءة، كمستوى أول أو ثان أو ثالث، حسب عدد كلماتها، وحجم الخط، وما إذا كانت الحروف مشكولة أم لا.


في المطلق، القراءة هدف في حد ذاتها، إن نجحنا في ربط الطفل بها، تتوسع مداركه، ويعرف أن العالم أكبر بكثير من حدود غرفته، ونفتح له بابًا لنهر من المعرفة لا ينضب عطاؤه.


وفي الختام، تنتظر مكتبة “نوري” تعليقاتكم حول المقال، والكتابة إلينا عن تجاربكم مع قراءة القصص لأطفالكم.