أغمض عينيك وتذكَّر عندما كنت صغيرًا تستمع إلى حلقات الراديو، وربما تتابع الحلقات وتنتظر موعد الحلقة الجديدة أمام الراديو قبل موعدها، وتنظر في الساعة بين الحين والآخر.
هل تعلم أن الاستماع للراديو له مميِّزات لا يمكن أن تتخيَّل أنك استفدت بها؟
ليس فقط إمكانية الوصول بسهولة في أي وقت وأي مكان، سواء في المنزل، أو أثناء القيام بأي مهام في الخارج، مثل قيادة السيارة، أو في الداخل، مثل ترتيب المنزل، أو تنسيق الزهور، أو العناية بالمزروعات، وسواء كنت مستلقيًا على السرير، أو تسير في الطريق، أو ربما تجلس في وقت الاسترخاء.
هذا لأن محتوى الراديو يشبه صندوق الكنز الذي يمكنك أن تجد فيه كل ما تحبه أو تحتاج إليه، مثل القصص، والحكايات، والشعر، والمعلومات الثقافية والتعليمية.
هل كنت تعلم قبل اليوم أن الاستماع إلى الراديو في مرحلة الطفولة يساعد على تنمية المهارات اللُّغوية؟ يساعد استماع الأطفال إلى كتب الراديو على تعزيز مهاراتهم اللُّغوية وتطوير قدرتهم على الفهم والتعبير اللفظي، كما أن الاستماع إلى الراديو دون مشاهدة ما يدور يعمل على تحفيز الخيال والإبداع؛ لأن كتب الراديو تشجِّع الأطفال على استخدام خيالهم وتصوُّر الأحداث والشخصيات التي يستمعون إليها.
إليك مفاجأة أخرى عن كتب الراديو؛ فهي تعمل على تعزيز التركيز والانتباه، حيث يمكن أن تساعد كتب الراديو على تحسين قدرة الأطفال على ذلك، إذ يحتاجون إلى الاستماع بانتباه لمتابعة القصة أو المعلومات المقدمة.
كما يمكن لكتب الراديو تقديم قِيَم ومعانٍ لما يمكن أن تحمله من رسائل وقِيَم مهمَّة للأطفال، مثل الصداقة، والتسامح، والعدل، والمساواة، ويمكن أن تساعد في نشر الوعي الاجتماعي وتعزيز القيم الإيجابية لدى الأطفال.
ويُعتبر الراديو مصدرًا لتوفير موادَّ تعليمية؛ لأنه مصدر قيِّم للتعلُّم والتثقيف، ويمكن أن تقدم كتب الراديو معلومات حول العلوم والتاريخ والجغرافيا والثقافات المختلفة، وبالتالي تساعد على توسيع معرفة الأطفال.
ولكن، هل فكرت يومًا أن الراديو قد يساعد على التواصل العائلي؟
إليك مفاجأة أخرى، حيث يمكن أن تكون كتب الراديو فرصة للأطفال وأفراد العائلة للجلوس معًا والاستمتاع بالاستماع إلى القصص والمحتوى الصوتي، بما يسهم في تعزيز الروابط العائلية وتوفير وقت ممتع مشترك. كما يمكن لكتب الراديو أن تخلق جوًّا ممتعًا ومريحًا، حيث يستمتع الأطفال بما يستمعون إليه، وتساهم في تعزيز حب القراءة والاستماع للقصص.
وهناك مفاجأة وميزة إضافية لمن يبحثون عن شيء يعزِّز الاستماع النشط بدلاً من الاستماع السلبي، حيث يتطلب استماع كتب الراديو تفاعلًا نشطًا من الأطفال، حيث يتحتَّم عليهم تصوير الأحداث والشخصيات في أذهانهم ومتابعتها بانتباه.
والآن، يمكن للأطفال الاستمتاع بمحتوًى ترفيهي وتعليمي ممتع من خلال كتب الراديو، وفي الوقت نفسه تعزيز مهاراتهم اللُّغوية والتركيز، ويمكن أن تسهم كذلك في تنمية الخيال والإبداع، وتقديم قِيَم ومعانٍ مهمة. كما تُعدُّ فرصة للتواصل العائلي وتوفير الوقت والمحتوى الجيد معًا؛ لذا، يجب أن نقدِّر ونشجِّع استخدام كتب الراديو كوسيلة قيِّمة في تنمية الأطفال وتربيتهم.
إليك الدليل على ذلك بالأرقام:
كشف تقرير Infinite Dial لعام 2020، وهو أحد أكثر الدراسات الموثوقة حول البث الصوتي، أن ما يقرب من 192 مليونًا في الولايات المتحدة قد استهلكوا شكلًا من أشكال الصوت عبر الإنترنت في العام الماضي. وتشير نفس الدراسة إلى أن 68% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و18 عامًا في الولايات المتحدة يمتلكون الآن جهاز راديو مقابل 48% ممَّن تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا، ممَّا يعني أن المزيد من الفئات العمرية الأصغر سنًّا تتَّجه نحو الأجهزة التي تتيح البث الصوتي أكثر من آبائهم. وحتى في الهند، أشار تقرير PWC إلى أن ما يقرب من 40 مليون شخص استمعوا إلى نوع ما من البودكاست في عام 2018. ولكن، لماذا يختار جيل الشباب اليوم المحتوى الصوتي عندما يكون العالم غارقًا في الفيديو وأشكال المحتوى الأخرى؟
الإجابة عن هذا السؤال تكمن في الفوائد العلمية والنفسية والشخصية التي يقدمها الصوت كأحد أشكال المحتوى، وهو متفرِّد عن الأشكال الأخرى.
قوة تأثير الصوت
لقد نشأ الجيل الحالي الذين تزيد أعمارهم على 18 عامًا في عالم YouTube وFacebook، وأثناء نشأتهم كانوا مندهشين ومتحمسين لعدد كبير من الاختيارات التي جاءت مع هذه المنصات. ولكن الآن بدأ الإرهاق الرَّقْمي يظهر، وأصبح الناس، وخاصة الأصغر سنًّا، أي أقل من 18 عامًا، أكثر وعيًا وذكاءً أثناء تخصيص فتراتهم الزمنية اليومية.
ليس هناك شك في أن تنسيق الفيديو يُعدُّ ضرورة في عالم اليوم، ولكن هؤلاء الشباب قادرون على فهم السبل الأخرى التي يحتاجون إلى استكشافها للمساعدة في تنمية شخصياتهم بشكل عام.
أثناء وباء كورونا، عندما أصبحت المدارس متصلة بالإنترنت، وأصبحت مواعيد اللعب مع الأصدقاء تتم عبر مكالمة Zoom ، هناك الكثير من الأسباب التي جعلت الأطفال وأولياء أمورهم يشعرون بالقلق بشأن الارتفاع الهائل في أوقات استخدام الشاشات الرَّقمية واستكشاف خيارات بديلة.
والمحتوى الصوتي هو جزء من المحتوى الهيكلي الذي يسلِّي المستمع أو يثقفه، وقد بدأ الأمر باستخدام أسطوانات الجراموفون، ثم أُعيد اختراعه على شكل الراديو، ثم على أشرطة الكاسيت والأقراص الصوتية المدمجة، والآن على شكل الصوت الرَّقْمي المتوفِّر في أيدينا.
في هذا العالم الرَّقمي، زاد عدد خيارات المحتوى الصوتي بشكل كبير، وتتوافر مجموعة كاملة من الخيارات، مثل راديو الويب، والقصص والبودكاست والكتب الصوتية، وحتى دورات المساعدة الذاتية.
اترك تعليقاً