مع اقتراب العودة للمدارس.. كيف ينجح طفلي في بناء علاقات اجتماعية ناجحة وتكوين صداقات؟

تنمية مهارات الطفل الاجتماعية ودمجه في المجتمع بالأساليب الصحيحة تنعكس إيجابيًّا على شخصيته.

عرض شهر أكتوبر تخفيض إضافي 5% على الاشتراك السنوي

ارتسمت علامات الفرحة والسعادة على وجه أحمد الذي يبدأ غدًا عامه الدراسي الجديد، وقبل أن يخلد إلى النوم باكرًا كعادته، ساعدته أمه في تحضير حقيبته المدرسية، وفي الصباح ودَّعته بابتسامة رقيقة وهو يركب حافلة المدرسة، لكنها راحت تفكر في مدى قدرته على الاندماج مع الآخرين وبناء علاقات اجتماعية وتكوين صداقات حقيقية، فهل ينجح أحمد في ذلك؟ وما المعوِّقات التي قد تواجهه؟ وكيف يمكنه التغلب عليها؟ 

هذا ما يمكنك التعرُّف عليه من خلال مواصلة قراءة هذا المقال. 

تجربة واقعية

تقول إحدى الأمهات في تصريحات صحفية  إنها كانت تعاني من هدوء ابنها الثاني (6 سنوات)، الذي لا يتفاعل مع الآخرين، ولا يستطيع أن يبني صداقات مع الأطفال، ويعزل نفسه دائمًا في الغرفة، ومع بدء التعليم عن بُعد خلال جائحة كورونا، ازداد قلقها وخوفها عليه؛ لأنه شعر بالسعادة لابتعاده عن الأولاد والمدرسة وكثرة الناس.

استعانت الأم بمستشار نفسي لإيجاد حل لابنها، واكتشفت أنه يفتقر إلى المهارات الاجتماعية ويحتاج إلى تنميتها وإلى جو مليء بالنشاط والحيوية والمحبة، وأوضحت أنها استطاعت بعد فترة طويلة من معالجة ابنها لدى اختصاصي، أن تجعله يبدأ علاقته بالعالم الخارجي بشكل طبيعي وإيجابي بدون خوف أو توتر أو خجل، عن طريق قيامه بالأنشطة الكافية باللعب مع الآخرين، والتفاعل مع غيره من الأطفال.

وبعد هذه التجربة، أكدت الأم على ضرورة تنمية بعض المهارات الحياتية، مثل الاستقلالية والاعتماد على نفسه في تلبية بعض احتياجاته، والقدرة على إقامة علاقات اجتماعية مع الآخرين.

إن تنمية مهارات الطفل الاجتماعية ودمجه في المجتمع بالأساليب الصحيحة تنعكس إيجابيًّا على شخصيته، وهو ما يمكنك استكشافه في السطور التالية. 

لماذا لا يملك طفلي أصدقاء؟

تقول الكاتبة إلينا سانز، في تقرير نشرته مجلة “لامنتي إس مارافيوسا” (lamente es maravillosa) الإسبانية، إن الاستقلال العاطفي هو أحد أكثر الدروس قيمة التي يمكن تعليمها لأطفالنا؛ لأن البشر كائنات اجتماعية، وإذا لم يكن لطفلك أصدقاء، فمن المهم أن تحدِّدي الأسباب وتساعديه على تجاوز هذا الوضع.

وبحسب الكاتبة، هناك أسباب مختلفة تجعل الطفل أو المراهق يجد نفسه من دون أصدقاء، أهمها: 

الخجل

الخجل أحد الأسباب الرئيسة لإخفاق الأطفال في تكوين صداقات، حيث يتسبب في انسحابهم وتحفظهم على الاتصال بالغرباء، فيميل يميل إلى التزام الصمت وعدم التفاعل مع الرفاق.

نقص المهارات الاجتماعية

افتقار الطفل إلى المهارات الاجتماعية مقارنة بمجموعته يعرضه للرفض من قبل الآخرين. لذلك، يجب أن تتذكري أن أفضل مجال لتحسين وضعه في هذا الصدد هو البيئة الاجتماعية نفسها، حتى لا نفسح المجال لدائرة  العزلة التي تتعزَّز ذاتيًّا.

التجارب السيئة

تؤثر التجارب السيئة السابقة بشكل كبير في الموقف الذي يتبنّاه الأطفال عند مواجهة تفاعلات اجتماعية جديدة، لذلك يصبح إنشاء علاقات مع الآخرين أكثر صعوبة فعندما يواجهون مواقف من الرفض أو العزلة.

تدنِّي احترام الذات

يشعر الأطفال الذين يفتقدون التقدير الجيد لذاتهم بعدم الأمان والضعف عندما يتعلق الأمر بإقامة علاقات صداقة مع الآخرين، فشعورهم بعدم الكفاية أو عدم الأحقية يمنعهم من التصرف بتلقائية والشعور بالراحة في الأوساط الاجتماعية.

السبيل إلى الحل.. المهارات الاجتماعية اللازمة للأطفال

تُعرِّف الأخصائية الاجتماعية إيلينا فغالي المهارات الاجتماعية بأنها قدرة الطفل على التواصل والتفاعل مع أقرانه بلباقة واحترام وذكاء، واستطاعة التصرف مع المواقف التي يتعرض لها، سواء إيجابية أو سلبية، والتمتُّع بالحوار وتقبُّل الآخر، بعيدًا عن العناد والانعزال والوحدة والخجل.

وترى فغالي أن من المهارات الاجتماعية التي لا غنى للأطفال عن اكتسابها وتنميتها لزيادة قدرته على الاندماج مع الأصدقاء وإقامة تفاعلات اجتماعية ناجحة:

  1. التعاون: يبدأ الطفل اكتساب تلك المهارة من خلال اللعب التعاونيّ، ويظهر ذلك عادةً في نهاية السنة الثالثة، حيث يميل الطفل للعب مع طفل آخر، ومن ثمَّ اللعب مع أكثر من طفل.
  2. التَّواصل: أن يعتمد الطفل على نفسه في التفاعل اللفظي مع أقرانه والمحيطين به، ويستطيع التعبير عن حاجاته ورغباته.
  3. التفاعل الاجتماعي: قدرة الطفل على إقامة علاقات وتفاعلات اجتماعيّة إيجابيّة وناجحة مع الآخرين في صورة تعبيرات لفظيّة أو غير لفظيّة.
  4. السلوك القيادي: قدرة الطفل على تقبُّل النقد والاعتراف بعيوبه وأخطائه، مع قدرته على قيادة اللعب مع أصحابه، وإقناع الآخرين بوجهة نظره.

تجدون على مكتبة نوري الرقمية العديد من القصص والكتب التي تدعم المهارات الاجتماعية المختلفة للأطفال، ومنها:

  • الصياد عياد
  • رحلة إلى الصين
  • الديناصور دودو
  • التعاون
  • هيَّا نتعاون
  • بحر وجبل
  • ألواني ألواني


يمكنك تحميل تطبيق نوري الآن بالضغط هنا

ما أهميّة المهارات الاجتماعيّة للطفل؟

يرى الخبراء التربويُّون أن أهميّة المهارات الاجتماعية للطفل تتمثل فيما يلي:

  • بناء وإدارة العلاقات، خاصة في مرحلة الطفولة المبكّرة.
  • تحقيق التكيّف الاجتماعي لدى الطفل داخل الجماعات التي ينتمي إليها.
  • التغلُّب على مشكلاته وتوجيه تفاعله مع البيئة المحيطة.
  • مساعدة الطفل على تحقيق قدر كبير من الاستقلال الذَّاتي والاعتماد على النفس.
  • مساعدة الطفل على التفاعل مع الرفاق والابتكار والإبداع في حدود طاقاته الذهنيَّة والجسميَّة.
  • القدرة على التعبير عن مشاعره الإيجابيّة والسلبيّة والإحساس بالمسؤوليّة.
  • تمكين الطفل من إشباع الحاجات النفسيَّة، من خلال القيام بالأنشطة التي يمارسها.

كيف يمكن للوالدين تنمية المهارات الاجتماعية للطفل؟

كثيرًا ما يسأل الوالدان طفلهم: لماذا تخاف التعامل مع أشخاص جدد؟ أو لماذا تجلس وحيدًا دون رفقتك؟ وبدورنا نوجه إلى الوالدين هذا التساؤل: لماذا لا تدربان الطفل على تكوين علاقات صحيحة وصحيَّة مع رفاق جدد؟ أو: كيف يمكن للآباء تنشئة طفل قادر على التواصل الاجتماعي الجيِّد؟ 

يمكن الوالدين تنمية المهارات الاجتماعيّة للطفل من خلال:

  1. توفير بيئة آمنة للطفل، من خلال تقبُّل أفعاله وتصرفاته، وإشباع حاجته إلى التقبّل والرعاية والحب والاحترام، بما يسهم في نمو شخصيته.
  2. التزام الصدق مع طفلك في جميع الأوقات؛ حتى يتعلم منك الصدق والوضوح في كل شيء، وبذلك سيكون مقبولًا من الجميع، وذلك هو جوهر نشأة العلاقات الجديدة والصحيَّة، سواء في المدرسة أو غيرها.
  3. تقدير نجاح طفلك الصغير؛ حتى يشعر أن هناك من ينتبه لوجوده، فذلك يقوِّي ثقته بنفسه، ويجعله إيجابيًّا أكثر نحو إقامة علاقات جديدة.
  4. اكتشاف ميول الطفل ومساعدته على اختيار اهتماماته؛ فذلك يساعد على تطوير شخصيته الاجتماعية على المدى القريب في المدرسة، وسيجعله على المدى البعيد ناجحًا مهنيًّا واجتماعيًّا.
  5. غرس السلوكيات والأخلاق الحميدة بالطفل، والتي تجعله محبوبًا من رفاقه، وهذا غالبًا ما يكون سلوكًا مكتسبًا من الأبوين، فيجب أن يكونا القدوة التي يقوم الطفل باتباعها.
  6. تعليم الطفل أهميَّة الموازنة بين احتياجاته واحتياجات الآخرين؛ حتى لا يتحوَّل إلى شخص أناني، ما يجعل الآخرين ينفرون منه.

أنشطة تنمية مهارات التواصل

ترى الأخصائية الاجتماعية إيلينا فغالي أن النشاطات اليومية التي يقوم بها الطفل تعتبر المصدر الأول له لتنمية مهاراته الاجتماعية، لذلك يجب على الأهل الحرص على تعرُّض أطفالهم لهذه الأنشطة، وأن يقوموا بالتركيز على النشاطات التي يحتاجها الطفل لتنمية مهارة معينة أكثر من غيرها.

ومن أهم هذه النشاطات:

اللَّعب

لا يدرك معظم الأهل قيمة اللعب بالنسبة للطفل، فاللعب ليس وسيلة تسلية فقط، بل هو من الطرق الأساسية في تنمية المهارات الجسدية والعقلية، وهو الوسيلة الأفضل لتجريب استخدام اللغة والتواصل مع الآخرين.

بناء على ذلك، يجب على الأهل السماح للطفل باللعب بشكل جيد، ومشاركته اللعب في حال عدم وجود أطفال آخرين يلعب معهم، فذلك يدعم قدرة الطفل على التفاعل مع الآخرين وفهم أفكارهم بطريقة أكبر.

التفاعل مع الآخرين

يعدُّ التفاعل مع الآخرين مصدرًا مهمًّا لتنمية مهارات الطفل وتقوية قدرته على التفاعل الاجتماعي، وخاصة في الموقف الاجتماعية الجماعية كالحفلات والأعياد والأفراح، ويجب الحرص على انخراط الطفل مع الآخرين ومساعدته في تكوين الصداقات الحقيقية في المدرسة وخارجها.

التعبير عن العواطف المختلفة

يكون ذلك بتمرين الطفل على التعبير عن أشكال العواطف المختلفة، وذلك برسم الوجوه المختلفة وتعليم الطفل معانيها، وكيفية قراءة إيماءات الوجه، وحركات الجسد، حتى يستطيع تمييز التعابير المختلفة لمن يتحدث معه.

الاهتمام بالقراءة وجعلها عادة

يسهم ذلك في تنمية مهارات الأطفال الاجتماعية، من خلال قراءة الطفل القصص القصيرة، ومناقشته حول أحداث القصة، وما القيم التي تقدمها، وهو ما توفره مكتبة نوري الرَّقمية للأطفال التي تضم أكثر من 2600 قصة وكتاب باللغتين العربية والإنجليزية، بمحتوى تربوي متنوع، إضافة إلى الكتب الصوتية وسلاسل الراديو، وهو ما يسهم في تطوير وتنمية شخصية الطفل.

يمكنك تحميل تطبيق نوري الآن بالضغط هنا


في الختام، على الوالدين معرفة أن افتقار الطفل إلى بناء العلاقات الاجتماعية وتكوين صداقات مشكلة قابلة للحل، وذلك  بمساعدة الطفل على اكتساب الأدوات التي يحتاج إليها لتحسين أدائه الاجتماعي وتعزيز ثقته بنفسه، وأن الركيزة الأساسية للنجاح في تحقيق ذلك هو تفهمُّ الأمر، ومواصلة دعم وتشجيع الطفل طوال الوقت إلى أن يمكنه الاندماج مع الآخرين وبناء علاقات إيجابية معهم.