تعد كتابة الحوار جزءًا أساسيًا من كتابة أي سرد قصصي تقريبًا، سواء أكان هذا السرد يتمثّل في كتاب مصور أو كتاب لليافعين، فلا سرد قصصي بدون شخصيات، وإذا ما كان هنالك شخصيات، فإنها سوف تتحدّث في مرحلة ما.
بالنسبة للعديد من المؤلفين فإن كتابة الحوار أمر سهل، بينما يمثل تحدّيًا للآخرين…
في هذا المقال سنتعرّض للغرض الذي يتوجّب أن يؤديه الحوار في النص، وكيفية كتابة الحوار وتنسيقه بالشكل الأمثل.
ماذا يفترض أن يفعل الحوار في النص؟
عند إضافة الحوار عليه أن يحقّق شرطين:
- تحريك الأحداث إلى الأمام.
- الكشف عن شيء جديد في مشاعر وأفكار الشخصيات.
لتوضيح ذلك نورد المقطع التالي:
استدرت نحو صديقي وهتفت: “ما رأيك أن نذهب إلى بيت العجوز الغريب، ونكلمه بشأن شقّ طريق للمدرسة يمرّ من أرضه؟”
استنكر قائلًا: “مستحيل! لقد رفض طلب الرجال الكبار، فكيف يمكن أن يوافق على طلبنا نحن؟!”
لكنّني ظللت ألحّ عليه، وأحكي له عن يسر العبور من أرضه، وعن الصخور الوعرة التي تعرقل سيرنا في التلال، حتى اقتنع، فذهبنا على الفور إلى بيته.
بدا بيته كما العادة شاحبًا وحيدًا في منتصف أرضه الكبيرة، طرقنا الباب ففتح لنا زامًّا حاجبيه.
وقبل أن ننطق بحرف قال: “أعرف ماذا تريدون، في هذا الوقت من كل عام يأتي إليَّ الأولاد ليطلبوا نفس الطلب، ومن رابع المستحيلات أن أسمح لكم بالمرور فوق أرضي وتخريبها”.
شعرت بأنّ لساني قد انعقد، فلم أكن أتوقّع أن يبادر هو القول، لكنّني مع ذلك تمالكت نفسي وقلت:
“نصف يومنا يضيع في الطرقات”
قاطعني مقهقهًا وقال: “وهل تعتقدون أنفسكم أعضاء في البرلمان وتخشون على وقتكم الثمين؟!”
نلاحظ كيف كشف الحوار السابق شيئًا من شخصية الطفل الذي بدا مبادرًا ومتحمسًا، وكشف شيئًا من شخصية العجوز الغريب الذي بدا جشعًا وأنانيًا، كما أن الحوار السابق دفع بالأحداث قدمًا نحو الأمام.
ولا ننسى أن يكون أسلوب الحوار بشكل عام صادقًا وغير متكلّف ويراعي المكانة النفسية والاجتماعية لقائله، فيكون صريح وعفوي مثلًا عندما يكون بين طفل وأمه، أو بين صديقين، ويكون رسميًا بين أشخاص غرباء يرون بعضهم البعض لأول مرة على سبيل المثال.
كيفية كتابة الحوار وتنسيقه بالشكل الأمثل
هنالك عدة نقاط يتوجّب مراعاتها أثناء كتابة الحوار:
- نسب القول لقائله في الحوار، ووضع القول ضمن علامتي تنصيص وليس قوسين كبيرين.
مثال: قالت الأم: “سوف نغادر قريبًا”
- عندما ينتهي القول بإشارة تعجّب أو علامة استفهام، يتم وضعهما داخل علامتي التنصيص.
مثال: سأل أحمد: “ماذا تعتقد أنه يجب علينا فعله؟”
- يجوز أن نضع القول أولًا ثم ننسب له قائله.
مثال: “هيّا أسرعوا، لقد تأخرنا كثيرًا!” صرخ سامي.
- لا نضع مسافة بين الكلمة داخل علامتي التنصيص وبين علامتي التنصيص كما في الأمثلة السابقة.
- عندما تتحاور عدة شخصيات مع بعضها البعض نضع كل قول لشخصية في سطر مستقّل.
مثال:
مشيت مع رامي وزاهر، سألني رامي: “لماذا قررتم السكن في هذه البلدة بالذات؟”
أجبته: “الأجارات مرتفعة في المدينة، لا قدرة لنا بعد على السكن هناك، كما أن هذه البلدة هي الأقرب للعاصمة”
سأل رامي: “هل تعرّفت على البلدة؟”
أجبته: “مشيت في الحارات، تبدو هادئة وجميلة”
ابتسم عندها رامي بلطف وقال: “ما رأيك أن أريك أجمل مكان فيها؟”
هتفت: “أوافق بالطبع”
- عندما يتبيّن للقارئ تمامًا من هما المتحاوران فيجوز وضع القول فقط دون نسبه لقائله.
مثال:
قال قيس: “أنت خائف من كل شيء”
أجبت: “ليس كل شيء”
“نعم كل شيء”
“حسنًا، أنت على حق” وافقتُ أخيرًا
- يفضّل أن تكون أقوال الشخصيات مقتضبة ومختزلة وخالية من الحشو ما أمكن، وذلك حتى لا يشعر القارئ بالملل، لكن إذا ما اضطررنا لأن تُسهب إحدى الشخصيات في الكلام فالأفضل كسر الكلام بعبارة اعتراضية، يمكن توضيح ذلك بالمثال التالي:
زم رويد شفتيه وقطّب حاجبيه ثم قال لأمه: “في البيت لا يوجد شيء سوى الملل، قرأت كل القصص في مكتبتي، لعبت في الآيباد حتى فرغ شحنه، والآن لا يوجد شيء أفعله”، ثم أشار إلى النافذة حيث تصدح أصوات الأولاد وتابع يقول: “لماذا غير مسموح لي أن ألعب في الشارع مثل باقي الأولاد؟!”
نلاحظ كيف تم كسر طول القول بعبارة (أشار إلى النافذة حيث تصدح أصوات الأولاد)
يمكن استخدام أي عبارة نريد شرط أن تكون متناسبة مع السياق.
- قد يلجأ البعض إلى استخدام الخطوط الصغيرة (-) أمام في الحوار، بدلًا من نسب القول لقائله، في الحقيقة وضع هذه الخطوط مربك وخاصة في قصص الأطفال، ويجعل القارئ يضيع بين الشخصيات فلا يُحبّذ استخدامه.
- يفضِّل القارئ إضافة شيء من لغة الجسد أو مشاعر الشخصية عندما تريد أن تقول شيئًا، فهذا يمنح الحوار الحيوية، ويقرّب القارئ أكثر من الشخصيات، ويجعل القارئ يتفاعل بشكل أكبر من الأحداث.
مثال:
مسح زيد دموعه بكمّه وقال: “لا أريد الذهاب إلى المدرسة بعد الآن، في كل مرة يأخذ لي ذلك الصبي ذو الكنزة المخططة شطيرتي”
مثال آخر:
تقافزت نورة على الأرض كالعصفور، صفّقت، وهتفت: “وأخيرًا سنسافر إلى البحر، سأسبح مثل الدولفين، سأبني أكبر قلعة رملية في العالم”.
- بالنسبة للقصص المصوّرة التي تكون قائمة على الحوارات بشكل كامل، فعادة ما يتم عرض الحوارات ضمن فقاعات حوارية حتى لا تصبح أشبه بالنصوص المسرحية.
المصادر:
- مساق إدراك لكتابة القصة المصورة
- Rob sanders | Dialogue Rules: http://bit.ly/3i1Bpwi
- https://brookevitale.com/blog/how-to-format-dialogue
وأخيرًا تمنياتنا لكم بكتابة مبدعة ونصوص مميّزة.
اترك تعليقاً