الانضباط وتحمُّل المسئولية من الصفات المكتسبة التي تحتاج إلى فهم الطفل لها وإدراكها والتدرُّب عليها.
الانضباط وتحمُّل المسئولية لدى الأطفال.. كيف أساعد طفلي على أن يكون مسئولًا؟
كيف تجعل طفلك أكثر مسئولية وانضباطًا؟ وهل تساءلت يومًا لماذا ينجح بعض الأطفال أكثر من غيرهم؟
يكمن الجواب في قدرتهم على الانضباط وتحمُّل المسئولية، سواء في فترة الدراسة أو في الحياة العادية؛ فهاتان الصفتان بمثابة البوصلة التي توجه الطفل نحو المستقبل، وتساعده على أن يحقق أحلامه ويحظى بمستقبل منشود.
مفهوم الانضباط وتحمُّل المسئولية
سمة تعبر عن مدى انضباط الفرد خلال أداء المهام والواجبات التي يقوم بها على أكمل وجه وفي الوقت المناسب، ويترتب عنها اتسام الطفل بصفات إيجابية، منها: الكفاءة الذاتية، والتنظيم والترتيب، والسعي لتحقيق الإنجاز، والانضباط الذاتي.
وفي حقيقة الأمر، فإن الانضباط وتحمُّل المسئولية من الصفات المكتسبة التي تحتاج إلى فهم الطفل لها وإدراكها والتدرُّب عليها، ولا بد أن يقوم الآباء والأمهات والمربُّون بتعليم الأطفال أهمية تحمل مسئولية أقوالهم وأفعالهم.
5 مؤشرات على افتقاد الطفل الانضباط وتحمُّل المسئولية
هناك مؤشرات تؤكد افتقاد الطفل للانضباط وتحمُّل المسئولية، ومن أهمها:
1- رفض سماع كلمة “لا”
ترى ميشيل بوربا أن الطفل غير المنضبط لا يستطيع التعامل مع كلمة (لا)؛ حيث يتوقع الحصول على ما يريد، ويصرُّ على ذلك.
وتضيف: “أضف (لا) إلى مفرداتك من دون أن تشعر بالذنب لاستخدامها مع أطفالك، ولا تستسلم لكل ضغط”.
وتقول لينايا سميث كروفورد، خبيرة الزواج والأسرة، أن “الطفل الذي يجد صعوبة في عدم إجابة طلباته، ولم يهدأ رد فعله مع تقدمه في السن قد يكون في الغالب غير منضبط”.
2- رفض اتِّباع القواعد
وفقًا للمعالجة الأسرية نيكول أرزت، فإن الطفل غير المنضبط “لا يعتقد في كثير من الأحيان أن القواعد تنطبق عليه على الإطلاق”؛ لذلك لا يقدم المساعدة أبدًا، بل ويرفض القيام بأشياء بسيطة للغاية بشكل متكرر، كأن نطلب منه ترتيب أغراضه أو رفع الأطباق عن مائدة الطعام.
3- عدم الصبر
توضح ترى ميشيل بوربا أن الطفل المدلل عندما يريد شيئًا فإنه يريده الآن؛ مما يجعل الاستسلام لرغباته أسهل وأقل كلفة من تأجيل طلبه.
وتوصي عالمة النفس التربوية بأن نوضح للطفل “أن العطاء أفضل من الأخذ، وتدريبه على الشعور بالامتنان، ومساعدته على تقدير الأشياء الصغيرة في الحياة”.
وتزيد لينايا سميث كروفورد على ذلك أن الطفل المدلل “يبدي القليل من (شكرا)، والكثير من (أريد)”، فهو دائمًا يريد المزيد.
4- الشعور بالاستحقاق
تشدد ميشيل بوربا على أن كل شيء يدور حول احتياجات الطفل غير المنضبط واهتماماته ومشاعره ورغباته قبل أي أحد؛ لشعوره بأنه يستحق الحصول على ما يريد، وقتما يريده، وتنصح قائلة: “عندما يكون كل شيء في حياة طفلك هو (أنا، أنا، أنا) حوّل التركيز إلى (نحن)”، موضحة أنه لا يوجد جين لعدم الانضباط والشعور بالاستحقاق، فهو سلوك مُكتسب يمكن منعه من خلال التعلُّم، وكلما كان التعليم أسرع كان ذلك أفضل”.
5- عدم الاهتمام بمشاعر الآخرين
تؤكد كلير باربر، اختصاصية رعاية الأسرة، أن “عدم غرس سمة التفكير في الآخرين يُعد من الأخطاء الشائعة التي يرتكبها الآباء، وتكون لها تداعيات سلبية على سلوك الطفل تجعله يميل إلى التركيز على الذات، ويهتم فقط بإزعاج الآخرين”.
في تطبيق مكتبة نوري للأطفال ستجد العديد من القصص التي ستساعدك على تعليم طفلك الانضباط وتحمُّل المسؤلية، ومنها “سنجوبة تتحمَّل المسئولية”، و”فرس النهر يتحمَّل المسئولية”.
سارعوا إلى تحميل تطبيق نوري الآن من خلال الضغط هنا
دور الوالدين في تعليم أطفالهم الانضباط والمسئولية
تحذر ميشيل بوربا، عالمة النفس التربوية، ومؤلفة كتاب “آنسيلفي” (UnSelfie)، الأمهات قائلة: “يمكن أن يفسد طفلك ويُصبح غير منضبط، عندما تقضين معظم الوقت في العمل، وتستسلمين لرغباته تحت ضغط الإرهاق والتعب، وتخافين من قول لا له”، ما يؤثر على الصحة النفسية للأطفال.
وبدورها، تؤكد لورا ماركهام، اختصاصية علم النفس الإكلينيكي، ذلك بقولها: “إن الآباء قد يُفسدون أطفالهم بحسن نية غالبًا، عندما يكونون مرهقين للغاية، وغير قادرين على فرض القواعد، فيختارون أن يوفروا لهم أفضل حياة ممكنة، ويمنحونهم كل ما لم ينالوه هم في طفولتهم، ويشعرون بالقلق من قول (لا) بحزم؛ ظنا منهم أن هذا سيؤذي مشاعر الطفل، أو يهز ثقته في نفسه”.
9 نصائح للوالدين لتعليم أطفالهم الانضباط والمسئولية
على الوالدين اتِّباع النصائح التالية خلال تربية الأطفال وتعليمهم الانضباط والمسئولية:
- تعيين مهام وواجبات يومية روتينية خاصة بالطفل، مثل ترتيب السرير بعد الاستيقاظ من النوم، وذلك سيساعده على وضع مهام أخرى لبقية اليوم.
- كن قدوة لطفلك من خلال تقييم سلوكك؛ لأن الطفل يأخذ سلوكياته من والديه ثم يبدأ بالتقليد، فممارسة السلوكيات الجيدة أمام الطفل تجعله يكررها وتصبح في اللاوعي لديه، وتجنَّبْ تمامًا صيغة الأمر.
- ضع لطفلك توقعات واضحة وإيجابية، واشرحها له بشكل يشجعه على فعل المهمة، ومعرفة ما سيحدث له عند التزامه بالمسئولية.
- قسم له المهام الكبيرة في صورة مهام صغيرة حتى يشعر بالإنجاز، وذلك سيساعده على تحمُّل المسئولية تجاه كل مهمة وسيسارع إلى تحقيقها.
- ضع لطفلك مواقف يحتاج إلى أن يتصرف فيها دون الرجوع إليك، ولاحظ هل سيقوم بالتصرف الصحيح أم سيتصرف بشكل خاطئ.
- اترك لطفلك مساحة لعرض رأيه وأخذ القرار دون الرجوع إليك؛ فذلك سيمنحه الشعور بالمسئولية، والدافع لأداء واجباته على أكمل وجه، وبأدق التفاصيل؛ لأنه يعتبر نفسه جزءًا من القرار، وبالتالي جزءًا من النتائج.
- أظهر مشاعر التعاطف نحو طفلك دائمًا تجاه أي مهمة، سواء بسيطة أو صعبة ليشعر بالأمان، ويمكنك فعل ذلك بعبارات بسيطة، مثل: “أعلم أنك قادر على تحقيق هذه المهمة بكل تأكيد، هل تريد أن أساعدك”؟
- استخدم أسلوب الخيارات المتعددة والأسئلة في أثناء القيام بالمهام، مثل: “هل تريد أن ترتب الألعاب أولًا أم تريد كتابة الواجب المدرسي”؟
- تمرَّن على الصبر أثناء تعليم طفلك أداء المهام؛ لأنه من المتوقع عدم الإستجابة سريعًا دائمًا، فتحلَّ بالصبر تجاه طفلك.
ومن جانبها، ترى المرشدة التربوية فرح بدران، أن من الخطوات الأساسية التي يجب اعتمادها لتنمية حسّ المسئولية لدى الطفل:
- تعليم الطفل الاعتماد على النفس، وذلك فيما يخص يخص القيام بالواجبات الدراسية والمنزلية.
- تعريف الطفل بقيمة الوقت أهمية وتقسيمه ما بين الواجبات الدراسية والترفيهية وممارسة الأنشطة الرياضية وغيرها من الأمور.
- تعويد الطفل على مساعدة الآخرين؛ فهذا يدفع الطفل للتخلي عن الأنانية.
- الابتعاد عن التدليل الزائد الذي يجعل الطفل مستهترا غير قادر على تحمل المسئولية.
علاقة العقاب الإيجابي بالانضباط وتحمُّل المسئولية
هناك علاقة وثيقة بين العقاب والانضباط وتحمُّل المسئولية؛ فالعقاب يمكن أن يساعد الطفل على فهم العواقب الطبيعية لأفعاله، لكن يجب أن يتم ذلك بطريقة صحيحة، بحيث يركز العقاب على تصحيح السلوك وليس على إهانة الطفل أو تدمير ثقته بنفسه.
ويمكن ربط العقاب الإيجابي بانضباط الطفل وتحمُّله المسئولية من خلال:
- شرح أسباب العقاب للطفل، وجعله يفهم لماذا سلوكه غير مقبول حتى نقوم بتقويمه وتطويره.
- التأكيد على أن يفهم الطفل “أن لكل فعل رد فعل”، وأن سلوكه له عواقب طبيعية، ولكن يجب أن تكون محدودة.
- إعطاء الطفل فرصة لتصحيح خطئه، وأن يشعر بأنه قادر على تغيير أي سلوك لا ينمُّ عن انضباط.
- تشجيع الطفل على تحمل مسئولية أفعاله واتخاذ القرارات الصحيحة.
- التركيز على السلوك وليس على الطفل، حيث يكون العقاب موجهًا للسلوك وليس للشخصيَّة، وبذلك لا يشعر الطفل بأنه شخص سيئ.
أمثلة على العقاب الإيجابي
- إذا كسر الطفل لعبة: يمكن أن يُطلب منه إصلاح اللعبة أو المساهمة في شراء لعبة جديدة.
- إذا لم ينجز واجباته المدرسية: يمكن حرمانه من نشاط يحبُّه حتى ينهي واجباته.
- إذا أساء إلى شخص آخر: يمكن أن يُطلب منه الاعتذار للشخص الذي أساء إليه.
كيف يتأثر سلوك الطفل بالانضباط وتحمُّل المسئولية؟
يعتبر الانضباط وتحمُّل المسئولية من الركائز الأساسية لتربية الطفل، ويسهم ذلك بشكل كبير في بناء شخصية الطفل المتوازنة والقادرة على التعامل مع تحديات الحياة. ومن النتائج التي سيحصل عليها الطفل عند اتصافه بالانضباط وتحمُّل المسئولية:
- النجاح الأكاديمي والمِهْني: تشير العديد من الدراسات إلى أن الأطفال المنضبطين والمسئولين يحققون نتائج أفضل في دراستهم، ويكونون أكثر استعدادًا للالتزام بواجباتهم المِهْنية في المستقبل.
- الاستقلال: يساعد تعليم الطفل الانضباط وتحمُّل المسئولية على أن يصبح أكثر استقلالية، وقادرًا على اتخاذ قراراته الخاصة.
- التكيُّف مع التغيُّرات: الأطفال الذين يتمتَّعون بالانضباط وتحمُّل المسئولية يكونون أكثر قدرة على التكيُّف مع التغيُّرات والمواقف الجديدة.
- الصحة النفسية: الأطفال المنضبطون والمسئولون يشعرون بمزيد من الثقة بالنفس والرضا عن الذات، ممَّا يساهم في تحسين صحتهم النفسية.
ختامًا، يدرك الآباء والأمهات أن تربية الأطفال رحلة طويلة وشاقة تتطلب صبرًا وحكمة، إضافة إلى اتِّباع أساليب تربوية إيجابية، من بينها توجيه أطفالهم إلى تطبيق مكتبة نوري، التي تسهم بمحتواها الثري المتنوع في تعزيز التعلُّم وتنمية مهارات وشخصية الطفل.
سارعوا إلى تحميل تطبيق نوري الآن من خلال الضغط هنا
* يستند المقال إلى ما تناولته مواقع إلكترونية مختلفة حول الانضباط وتحمُّل المسئولية عند الأطفال.
اترك تعليقاً